مذكرات محاسب الحلقه الاولى
مذكرات محاسب: الحلقة الأولى - بداية الرحلة المهنية
نصائح وتساؤلات تواجه المحاسب حديث التخرج في خطواته الأولى نحو سوق العمل
تبدأ رحلة المحاسب المهنية بمجرد تخرجه من الجامعة، وتصاحب هذه البداية العديد من التساؤلات والتحديات. كيف يبدأ؟ وأين؟ هل يلتحق بمكتب محاسبة أم شركة؟ وما أهمية تطوير الذات والتعلم المستمر؟ تستعرض هذه الحلقة الأولى من "مذكرات محاسب" هذه التساؤلات وتقدم رؤى حول أهمية استغلال فترة الجامعة، وفوائد اكتساب الخبرة العملية، وضرورة اتخاذ الخطوة الأولى نحو بناء مستقبل مهني ناجح.
أسئلة الخريج الجديد: من أين أبدأ؟
تدور في ذهن وعقل الخريج الجديد من كلية التجارة أسئلة كثيرة بمجرد دخوله عالم الحياة العملية. من أبرز هذه التساؤلات: "تخرجت من الجامعة ولا أعرف من أين أبدأ؟". يتساءل الخريج عن المسار الأفضل: هل يبدأ العمل في أحد المكاتب المهنية المتخصصة في المحاسبة، ويصبر لسنوات حتى يحصل على لقب محاسب قانوني ويؤسس عمله الخاص؟ أم يفضل الالتحاق بإحدى الشركات التي قد تمنح راتباً أكبر في البداية، ولكن قد تكون الاستفادة العلمية والخبرة العملية فيها أقل مقارنة بالمكاتب المهنية؟
تساؤل آخر يدور حول الدورات التدريبية: هل يجب البدء بأخذ دورات تدريبية؟ وما هي أنواع الدورات المناسبة؟ وأين يمكن الحصول عليها؟ وما مدى فائدتها الفعلية في الحياة العملية؟ هذه الحيرة طبيعية وتواجه معظم الخريجين عند مواجهة سوق العمل ومتطلباته.
أهمية سنوات الجامعة: الإعداد يبدأ مبكراً
قبل الإجابة على تساؤلات ما بعد التخرج، من المهم العودة قليلاً إلى سنوات الدراسة الجامعية. هل تم استغلال هذه الفترة بشكل أمثل؟ هل تم تأجيل كل القرارات المتعلقة بالحياة العملية إلى ما بعد التخرج؟ الحياة العملية لا تبدأ بعد استلام شهادة التخرج، بل تبدأ جذورها من اليوم الأول في الجامعة.
تعتبر فترة الجامعة حلقة وصل حيوية بين مرحلة الدراسة النظرية ومتطلبات سوق العمل. الإجازات الصيفية، على سبيل المثال، تمثل فرصة ثمينة لتنمية المهارات وتطوير الذات. بدلاً من اعتبارها وقتاً للراحة والكسل فقط، يمكن استغلالها في تعلم اللغات الأجنبية، واكتساب مهارات الحاسب الآلي، وغيرها من المهارات التي ستفيد الخريج بشكل كبير في مجال عمله المستقبلي.
الكثيرون يقعون في فخ التأجيل، يؤجلون اتخاذ أي خطوة تطويرية حتى انتهاء الامتحانات، ثم يؤجلون مرة أخرى بحجة الحاجة للراحة بعد عام دراسي طويل. وهكذا تمضي السنوات، وقد يتبعها فترة التجنيد، ليجد الخريج نفسه قد خسر وقتاً ثميناً كان يمكن أن يستثمره في بناء أساس قوي لمستقبله المهني. الوقت الذي يمضي دون اكتساب معرفة أو مهارة هو وقت ضائع لا يمكن استعادته.
ما المطلوب الآن؟ جرد المهارات واتخاذ الخطوة الأولى
إذاً، ما هو المطلوب من الخريج الجديد الذي يبدأ رحلته العملية؟ الإجابة بصيغة محاسبية هي: قم بعمل جرد شامل لمهاراتك ومميزاتك وخبراتك الحالية. حدد ماذا تجيد وماذا تعرف، والأهم، ماذا ينقصك لتبدأ. ليس المهم أين تبدأ طريقك بقدر أهمية أين سينتهي بك هذا الطريق.
أي وظيفة، مهما كانت، تقدم لك خبرة ومهارة جديدة، بالإضافة إلى العائد المالي. قد لا يكون العائد المالي مجزياً للبعض في البداية، ولكنه قد يكون مرضياً للبعض الآخر. الأهم من ذلك هو ما تكتسبه من العمل:
- مهارات خاصة بالمجال: كل عمل يضيف إلى رصيدك مهارات فنية وتقنية متعلقة بمجال التخصص.
- مهارات التعامل مع الآخرين: في أي بيئة عمل، ستتعامل حتماً مع مديرين وزملاء وعملاء وأطراف أخرى. هذه فرصة لاكتساب احترافية التعامل وتنمية مهارات التواصل، وهي مهارات لا غنى عنها بغض النظر عن منصبك أو وظيفتك.
- مهارات التعامل مع الحياة: يمنحك العمل الفرصة لتتعلم كيفية تدبير أمورك الخاصة، وإدارة مصروفاتك، والانخراط بفعالية في متطلبات الحياة العملية والاجتماعية.
السؤال حول ما إذا كان يجب الالتحاق بأي عمل متاح الآن أم الانتظار حتى تجد العمل "المثالي" يعتمد على ظروفك الشخصية: قدرتك على البقاء بدون عمل، حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقك، ومقدار الدعم (المادي والمعنوي) الذي تتلقاه. لكن النصيحة الأهم هي أن تبدأ. الأفضل أن تعمل وتكتسب الخبرة وتبحث عن الأفضل وأنت تعمل، بدلاً من الجلوس عاطلاً بانتظار الفرصة المثالية التي قد لا تأتي. كل خطوة تخطوها، حتى لو كانت صغيرة، تقربك من هدفك.
مصادر التعلم والتطوير المستمر
قد تتساءل: "من أين يمكنني أن أتعلم وأطور ذاتي؟". لحسن الحظ، نحن نعيش في عصر تتوفر فيه مصادر التعلم بكثرة وبأشكال متنوعة. الإنترنت يزخر بالمواقع التعليمية، والمنتديات، والمدونات، ومنصات التواصل الاجتماعي التي تقدم محتوى تدريبياً وكتباً ومقالات في مختلف المجالات.
هناك جامعات تنشر كتبها ومحاضراتها مجاناً على الإنترنت. المهم هو أن تتخذ القرار بالتعلم وتختار المجال الذي تريد تطوير نفسك فيه. تذكر دائماً أن التعلم عملية مستمرة لا نهاية لها. الاعتقاد بأنك تعلمت كل شيء هو بداية الجهل، فالتطوير والتغيير هما الثابت الوحيد في عالمنا.
ابدأ الآن، لا تؤجل ولا تسوّف. ضع قدميك على أول الطريق نحو تطوير ذاتك وبناء مستقبلك المهني. كل خطوة، مهما بدت صغيرة، هي خطوة في الاتجاه الصحيح.
إلى هنا تنتهي الحلقة الأولى من مذكرات محاسب. ترقبوا الحلقة الثانية قريباً...
أضف تعليقاً: