محاسب مقاولات محترف

آخر الأخبار

قراءة تحليلية في قانون العمل الجديد رقم ١٤ لسنة ٢٠٢٥

قراءة تحليلية في قانون العمل الجديد رقم ١٤ لسنة ٢٠٢٥

دليل شامل لفهم الموضوع

يشهد عالم العمل تطورات متسارعة تتطلب مواكبة تشريعية تضمن حقوق جميع الأطراف وتحفز على الإنتاجية والتنمية المستدامة. وفي هذا السياق، يأتي قانون العمل الجديد رقم ١٤ لسنة ٢٠٢٥ ليمثل نقلة نوعية في تنظيم علاقات العمل في البلاد، مستهدفاً تحقيق التوازن بين مصالح أصحاب العمل والعمال، وتوفير بيئة عمل آمنة وعادلة ومحفزة. يستجيب هذا القانون للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحديثة، ويسعى إلى معالجة التحديات التي برزت في ظل تطبيق القانون السابق، مع الأخذ في الاعتبار أفضل الممارسات الدولية في مجال تشريعات العمل.

قراءة تحليلية في قانون العمل الجديد رقم ١٤ لسنة ٢٠٢٥

قراءة تحليلية في قانون العمل الجديد رقم ١٤ لسنة ٢٠٢٥

يشهد عالم العمل تطورات متسارعة تتطلب مواكبة تشريعية تضمن حقوق جميع الأطراف وتحفز على الإنتاجية والتنمية المستدامة. وفي هذا السياق، يأتي قانون العمل الجديد رقم ١٤ لسنة ٢٠٢٥ ليمثل نقلة نوعية في تنظيم علاقات العمل في البلاد، مستهدفاً تحقيق التوازن بين مصالح أصحاب العمل والعمال، وتوفير بيئة عمل آمنة وعادلة ومحفزة. يستجيب هذا القانون للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحديثة، ويسعى إلى معالجة التحديات التي برزت في ظل تطبيق القانون السابق، مع الأخذ في الاعتبار أفضل الممارسات الدولية في مجال تشريعات العمل.

يهدف هذا المقال إلى تقديم قراءة شاملة لأحكام قانون العمل الجديد، وتسليط الضوء على أبرز ملامحه والتغييرات الجوهرية التي أدخلها على تنظيم سوق العمل. سنستعرض بالتفصيل الأبواب والفصول المختلفة التي يتألف منها القانون، مع التركيز على الجوانب التي تمس مباشرة حقوق وواجبات كل من العامل وصاحب العمل، مثل عقود العمل، ساعات العمل والإجازات، الأجور، السلامة والصحة المهنية، وتسوية المنازعات العمالية. نأمل أن يساهم هذا العرض في توعية المعنيين بأحكام القانون الجديد وتسهيل فهمهم لتطبيقاته العملية، بما يعزز من استقرار علاقات العمل ويدعم جهود التنمية الشاملة.

الأحكام العامة ونطاق تطبيق القانون

يستهل قانون العمل الجديد رقم ١٤ لسنة ٢٠٢٥ بتحديد الإطار العام لتطبيقه، حيث تنص المادة الأولى على أن أحكام هذا القانون والقانون المرافق له هي التي تحكم وتنظم شؤون العمل. ويمتد نطاق تطبيق هذه الأحكام ليشمل العمال الأجانب العاملين داخل جمهورية مصر العربية، وذلك في الجوانب التي لم يرد بشأنها نص خاص في عقود العمل الفردية أو اتفاقيات العمل الجماعية المبرمة معهم. هذا التوجه يعكس حرص المشرع على توحيد الإطار القانوني المنظم لعلاقات العمل قدر الإمكان، مع مراعاة خصوصية بعض العقود والاتفاقيات.

في المقابل، حددت المادة الأولى أيضاً الفئات التي لا تسري عليها أحكام هذا القانون والقانون المرافق، ما لم يرد نص خاص بخلاف ذلك. وتشمل هذه الفئات العاملين بأجهزة الدولة، بما في ذلك وحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة، بالإضافة إلى عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم. هذا الاستثناء يأتي نظراً للطبيعة الخاصة لعلاقة العمل في هذه القطاعات، والتي قد تخضع لتشريعات أو تنظيمات أخرى تتناسب مع ظروفها.

استمرارية صناديق دعم العمال وتطويرها

أولت التشريعات الجديدة اهتماماً خاصاً باستمرارية وتطوير الآليات الداعمة للعمال والمنشآت. فوفقاً للمادة الثانية، يستمر صندوق تمويل التدريب والتأهيل، الذي أُنْشِئ بموجب قانون العمل السابق رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣، في عمله مع احتفاظه بشخصيته الاعتبارية العامة. ويتبع هذا الصندوق الوزير المعني بشؤون العمل، ويمارس اختصاصاته وفقاً للتنظيم الذي يحدده القانون المرافق. هذا الاستمرار يضمن عدم انقطاع الجهود المبذولة في مجال تدريب العمال وتأهيلهم لمواكبة متطلبات سوق العمل المتغيرة.

كما تناولت المادة الثانية مسألة الدعاوى القضائية القائمة بين صندوق تمويل التدريب والتأهيل والمنشآت الخاضعة لأحكام القانون المرافق، والتي تتعلق بتحصيل نسبة (١٪) لصالح الصندوق. فقد نصت على انقضاء الخصومة في جميع هذه الدعاوى التي لم يُفصل فيها بحكم بات قبل بدء العمل بالقانون الجديد، مع امتناع المطالبة بما لم يُسدد من هذه النسبة. ومع ذلك، أتاحت المادة للمنشأة الحق في التمسك باستمرار الخصومة في الدعوى من خلال طلب يقدم إلى المحكمة المختصة خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالقانون. وأكدت المادة أنه لا يترتب على انقضاء الخصومة حق للمنشآت التي قامت بأداء هذه النسبة في استرداد ما سبق سداده، وهو ما يهدف إلى تسوية الأوضاع القائمة وتجنب المزيد من النزاعات القضائية.

وفي السياق ذاته، نصت المادة الثالثة على استمرار صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية، المنشأ بموجب قانون العمل السابق، في تأدية مهامه. ويتبع هذا الصندوق أيضاً الوزير المعني بشؤون العمل، ويمارس اختصاصاته وفقاً لما ينظمه القانون. بالإضافة إلى ذلك، يستمر المجلس القومي للأجور في عمله، مع إعادة تشكيله وممارسته لاختصاصاته على النحو المبين في القانون المرافق، مما يعكس الأهمية المستمرة لدور المجلس في تحديد سياسات الأجور وضمان عدالتها.

ضمان الحقوق المكتسبة للعمال

أكد قانون العمل الجديد في مادته الرابعة على مبدأ هام وهو عدم الإخلال بالحقوق التي اكتسبها العمال سابقاً. حيث نصت المادة على أن أحكام هذا القانون والقانون المرافق لا تمس بالحقوق التي حصل عليها العمال من أجور ومزايا مستمدة من أحكام القوانين واللوائح والنظم والاتفاقيات والقرارات الداخلية السابقة على تاريخ العمل به. هذا النص يهدف إلى طمأنة العمال بأن القانون الجديد لن ينتقص من مكتسباتهم السابقة، بل يسعى إلى تعزيزها وتطويرها.

كما أشارت المادة الرابعة إلى استمرار سريان الأحكام الواردة بالتشريعات الخاصة ببعض فئات العمال، وذلك إلى حين إبرام ونفاذ الاتفاقيات الجماعية بشأنها وفقاً لأحكام القانون المرافق. واعتبرت المادة أن المزايا الواردة في تلك التشريعات الخاصة تمثل الحد الأدنى الذي يتم التفاوض على أساسه عند إبرام الاتفاقيات الجماعية الجديدة. هذا التوجه يضمن حماية حقوق هذه الفئات العمالية خلال الفترة الانتقالية ويضع أساساً للتفاوض يضمن عدم الانتقاص من حقوقهم.

التوافق مع تشريعات تيسير إجراءات التراخيص الصناعية

أكد قانون العمل الجديد في مادته الخامسة على أهمية التنسيق والتكامل مع التشريعات القائمة التي تهدف إلى دعم القطاع الصناعي وتيسير إجراءاته. حيث نصت المادة صراحة على أن أحكام هذا القانون والقانون المرافق له لا تخل بأحكام قانون تيسير إجراءات منح تراخيص المنشآت الصناعية الصادر بالقانون رقم ١٥ لسنة ٢٠١٧. هذا التأكيد يهدف إلى إزالة أي لبس قد ينشأ حول تعارض القوانين، ويضمن استمرار العمل بالتسهيلات المقدمة للمنشآت الصناعية فيما يتعلق بالتراخيص، وهو ما يشجع على الاستثمار في هذا القطاع الحيوي ويدعم جهود التنمية الصناعية في البلاد.

توفيق أوضاع العمالة وتشغيلها

تناولت المادة السادسة من القانون مسألة تشغيل العمال وتوفيق أوضاعهم فيما يتعلق بتراخيص مزاولة المهنة. فقد أجازت لأصحاب الأعمال تشغيل العمال دون التقيد الفوري بشرط الحصول على ترخيص مزاولة المهنة أو الحرفة المنصوص عليه في المادة (٢٧) من القانون المرافق. وبدلاً من ذلك، منحتهم فترة سماح لتوفيق أوضاعهم خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ صدور القرارات المنظمة لقواعد وإجراءات الحصول على هذا الترخيص. هذا التيسير يهدف إلى عدم تعطيل عجلة الإنتاج وإعطاء الوقت الكافي للمنشآت والعمال لاستيفاء المتطلبات الجديدة.

ولمزيد من المرونة، استثنت المادة رئيس مجلس الوزراء، بناءً على عرض من الوزير المعني بشؤون العمل، من إمكانية مد فترة توفيق الأوضاع لمدة أو لمدد أخرى مماثلة، على ألا يتجاوز مجموع هذه المدد ثلاث سنوات إضافية. وفي جميع الأحوال، أعفت المادة من شرط الحصول على الترخيص العمال الذين كانوا يعملون لدى صاحب العمل لمدة تزيد على سنة قبل صدور القانون المرافق، وهو ما يراعي الأوضاع القائمة ويحمي حقوق العمال ذوي الخبرة. كما ألزمت المادة الجهات المخاطبة بأحكام المادتين (٢٢ و٤١) من القانون المرافق بتوفيق أوضاعها طبقاً لأحكامه خلال سنة من تاريخ العمل به، مع إمكانية مد هذه الفترة بقرار من رئيس مجلس الوزراء لمدة أو مدد أخرى لا تتجاوز سنتين، بناءً على عرض من الوزير المختص.

دعم العمالة غير المنتظمة

أظهر القانون اهتماماً خاصاً بفئة العمالة غير المنتظمة، حيث نصت المادة السابعة على أن جميع الأموال النقدية والعينية، والحقوق والالتزامات والموارد الخاصة بحسابات الرعاية الاجتماعية والصحية للعمالة غير المنتظمة، التي كانت منشأة بوزارة العمل ومديرياتها بالمحافظات، ستؤول إلى صندوق إعانات الطوارئ والخدمات الاجتماعية والصحية للعمالة غير المنتظمة. هذا الصندوق الجديد، المنشأ وفقاً لأحكام القانون المرافق، يهدف إلى توحيد الجهود ومركزية الموارد المخصصة لدعم هذه الفئة الهامة من العمال، وتوفير مظلة حماية اجتماعية وصحية أكثر فعالية لهم.

التزامات المنشآت بتقديم بيانات العمال

لضمان توفر قاعدة بيانات دقيقة وشاملة عن سوق العمل، ألزمت المادة الثامنة المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون والقانون المرافق بأن ترسل إلى الوزارة المعنية بشؤون العمل، خلال ثلاثين يوماً من تاريخ العمل به، بياناً مفصلاً. يجب أن يتضمن هذا البيان عدد العمال لديها، وتفاصيل مؤهلاتهم، ومهنهم، وفئات أعمارهم، وجنسياتهم، ونوعهم، بالإضافة إلى الأجور التي يتقاضونها. هذه البيانات تعتبر ضرورية لوضع السياسات العمالية السليمة وتوجيه برامج التدريب والتأهيل، وكذلك لمراقبة تطبيق أحكام القانون وضمان حقوق العمال.

إحالة المنازعات إلى المحاكم العمالية المتخصصة

سعياً لتسريع وتيرة الفصل في المنازعات العمالية وتحقيق العدالة الناجزة، تناولت المادة التاسعة مسألة إحالة الدعاوى القائمة إلى المحاكم العمالية المتخصصة الجديدة. فنصت على أنه مع مراعاة حكم المادة الثالثة عشرة من هذا القانون، تقوم المحاكم من تلقاء نفسها بإحالة ما يوجد لديها من منازعات ودعاوى متداولة أصبحت بمقتضى أحكام القانون المرافق من اختصاص المحاكم العمالية المتخصصة. تتم هذه الإحالة بالحالة التي تكون عليها الدعوى، ودون فرض أي رسوم إضافية. وفي حالة غياب أحد الخصوم، يلتزم قلم الكتاب بإعلانه بقرار الإحالة وتكليفه بالحضور في الميعاد المحدد أمام المحكمة التي أُحيلت إليها الدعوى.

واستثنت الفقرة الثانية من المادة التاسعة من حكم الإحالة التلقائية الدعاوى التي صدر فيها حكم بالفعل أو تلك المحجوزة للنطق بالحكم قبل تاريخ العمل بأحكام هذا القانون. وفي هذه الحالات، تستمر المحاكم الأصلية في نظرها، وتبقى الأحكام الصادرة فيها خاضعة للقواعد المنظمة لطرق الطعن السارية في تاريخ صدور تلك الأحكام. هذا الاستثناء يهدف إلى الحفاظ على استقرار المراكز القانونية وتجنب إعادة فتح القضايا التي قاربت على الانتهاء.

واستكمالاً لهذا التوجه، نصت المادة العاشرة على أن محكمة النقض ومحاكم الاستئناف ستستمر في نظر الطعون على الأحكام الصادرة في المنازعات والدعاوى المشار إليها في المادة التاسعة، والتي كانت مرفوعة أمامها قبل تاريخ العمل بنظام المحاكم العمالية المتخصصة، وذلك وفقاً للمادة الثالثة عشرة من هذا القانون. هذا يضمن استمرارية الإجراءات القضائية وعدم تعطيلها بسبب التغييرات التشريعية.

إصدار القرارات التنفيذية وإلغاء التشريعات السابقة

حددت المادة الحادية عشرة الإطار الزمني لإصدار القرارات التنفيذية اللازمة لتطبيق أحكام هذا القانون والقانون المرافق. حيث ألزمت الوزير المعني بشؤون العمل بإصدار هذه القرارات خلال مدة لا تتجاوز تسعين يوماً من تاريخ العمل بالقانون. وإلى أن تصدر هذه القرارات الجديدة، يستمر العمل بالقرارات السارية في هذا الشأن، شريطة ألا تتعارض مع أحكام القانون الجديد والقانون المرافق. كما أناطت المادة بوزير العدل إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام القانون المرافق فيما يتعلق بالمحاكم العمالية المتخصصة.

وأعلنت المادة الثانية عشرة صراحة عن إلغاء قانون العمل السابق الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣، وكذلك القانون رقم ١٢٥ لسنة ٢٠١٠ بشأن مرتبة امتياز حقوق العمال. كما نصت على إلغاء كل حكم يخالف أحكام هذا القانون الجديد والقانون المرافق له، وهو ما يؤكد على أن هذا التشريع هو المرجعية الأساسية لتنظيم علاقات العمل من تاريخ نفاذه.

النشر والنفاذ

أوضحت المادة الثالثة عشرة والأخيرة من مواد الإصدار آلية نشر القانون وتاريخ بدء العمل به. حيث نصت على أن يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويُعمل به اعتباراً من أول الشهر التالي لانقضاء تسعين يوماً من تاريخ نشره. أما فيما يتعلق بالمحاكم العمالية المتخصصة، فقد حددت المادة بدء العمل بها اعتباراً من أول أكتوبر التالي للعمل بالقانون المرافق. واختتمت المادة بالتأكيد على أن هذا القانون يُبصم بخاتم الدولة ويُنفذ كقانون من قوانينها، وهو الإجراء الدستوري المتبع لإصدار التشريعات.

الكتاب الأول: التعاريف والأحكام العامة - الباب الأول: التعاريف

يضع الباب الأول من الكتاب الأول لقانون العمل الجديد الأساس لفهم المصطلحات والمفاهيم المستخدمة في جميع أحكامه. فالمادة (١) من هذا الباب تقدم تعريفات دقيقة لمجموعة واسعة من المصطلحات الأساسية التي تشكل حجر الزاوية في تنظيم علاقات العمل. تبدأ هذه التعريفات بتحديد من هو "العامل"، حيث يُعرف بأنه "كل شخص طبيعي يعمل لقاء أجر لدى صاحب عمل تحت إدارته أو إشرافه". هذا التعريف يؤكد على عنصري الأجر والتبعية كشرطين أساسيين لاعتبار الشخص عاملاً خاضعاً لأحكام هذا القانون.

كما قدمت المادة تعريفاً لـ "المتدرج"، وهو "كل من التحق لدى صاحب عمل بقصد تعلم مهنة أو صنعة أو حرفة لقاء أجر". هذا التعريف يميز المتدرج عن العامل العادي، مع الاعتراف بحصوله على أجر مقابل تعلمه. أما "صاحب العمل"، فقد عُرّف بأنه "كل شخص طبيعي أو اعتباري يستخدم عاملاً أو أكثر لقاء أجر"، وهو تعريف يشمل مختلف أشكال المنشآت وأصحاب الأعمال.

ويحظى مصطلح "الأجر" بتفصيل وافٍ في هذه المادة، حيث يُعرف بأنه "كل ما يحصل عليه العامل لقاء عمله نقداً كان أو عيناً". ويشمل الأجر كلاً من "الأجر الأساسي"، وهو الأجر المنصوص عليه في عقد العمل وما يطرأ عليه من علاوات، و"الأجر المتغير"، الذي يشمل باقي عناصر الأجر. وقد فصلت المادة عناصر الأجر المتغير، ومنها: العمولة أو النسبة المئوية، العلاوات (لمواجهة ظروف اقتصادية أو اجتماعية أو فنية ما لم تضم للأجر الأساسي)، المنح (المقررة في العقود أو الأنظمة أو جرت العادة بمنحها)، المكافأة (نظير إجادة أو تميز أو كفاءة)، البدلات (لقاء ظروف أو مخاطر معينة في العمل)، نصيب العامل في الأرباح (وفقاً للقوانين المنظمة)، الوهبة (المقابل من غير صاحب العمل إذا جرت العادة بدفعها ولها قواعد تحديد)، مقابل الخدمة (في المنشآت السياحية والفندقية وغيرها)، والمزايا العينية (التي يلتزم بها صاحب العمل ولا تستلزمها مقتضيات العمل). هذا التفصيل يهدف إلى حسم أي خلاف حول مكونات الأجر وضمان شمولية الحماية المقررة للعامل.

وتضمنت التعريفات أيضاً "الأجر التأميني"، وهو أجر الاشتراك الوارد بقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات. كما فرقت المادة بين أنواع مختلفة من العمل، مثل "العمل المؤقت" (الذي يدخل بطبيعته فيما يزاوله صاحب العمل من نشاط وتقتضي طبيعة إنجازه مدة محددة أو ينصب على عمل بذاته وينتهي بانتهائه)، و"العمل العرضي" (الذي لا يدخل بطبيعته فيما يزاوله صاحب العمل من نشاط ولا يستغرق إنجازه أكثر من ستة أشهر)، و"العمل الموسمي" (الذي يتم في مواسم دورية متعارف عليها).

ولم يغفل القانون تعريف "العامل غير المنتظم"، وهو "كل من يقوم بأداء عمل غير دائم بطبيعته مقابل أجر أياً كانت صورته، أو يعمل في مهنة أو حرفة لا ينظمها قانون خاص، مثل الباعة الجائلين، وموزعي الصحف، وغيرهم". وكذلك "العامل في القطاع غير الرسمي"، وهو "كل من يقوم بأداء عمل داخل المنشأة أو خارجها بشكل غير رسمي أو مستتر". هذه التعريفات تعكس اهتمام القانون بتوسيع نطاق الحماية ليشمل هذه الفئات التي غالباً ما تكون أكثر عرضة للاستغلال.

كما قدمت المادة تعريفاً لمفهوم "السخرة"، وهو "كل عمل أو خدمة تفرض عنوة على أي شخص تحت التهديد بإنزال عقوبة أو إيذاء، ولم يتطوع هذا الشخص بأدائها بمحض اختياره"، وهو ما يؤكد على رفض القانون لأي شكل من أشكال العمل الجبري. وعرّفت "الليل" بأنه "الفترة ما بين غروب الشمس وشروقها"، وهو تعريف هام لتحديد ساعات العمل الليلية وما يترتب عليها من حقوق.

وفيما يتعلق بتطوير مهارات العمال، عرفت المادة "التوجيه المهني" بأنه "مساعدة الفرد في اختيار المهنة أو المسار المهني الأكثر ملاءمة لقدراته واستعداده وميوله في ضوء الدراسات المستمرة لسوق العمل والمهن المطلوبة ومقوماتها". وعرّفت "التدريب" بأنه "عملية تُمكّن الفرد من اكتساب وتنمية المعارف والمهارات الفنية وسلوكيات المهنة اللازمة لإعداده للعمل المناسب". أما "التلمذة الصناعية"، فهي "شكل من أشكال التعلم أو تنمية المهارات داخل العمل أو خارجه، يُمكّن الفرد من اكتساب المهارات والمعارف والجدارات اللازمة للعمل في مهنة أو صنعة أو حرفة من خلال تدريب منظم مقابل أجر".

كما تضمنت التعريفات "مجالس المهارات القطاعية"، وهي "كيانات قطاعية تعزز التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص تنشأ لضمان استيفاء منظومة التعليم الفني والتقني والتدريب المهني لاحتياجات القطاع الاقتصادي من العمالة الفنية الماهرة". وعرّفت "وكالات التشغيل الخاصة" بأنها "شركات متخصصة في اختيار العمال، أو تشغيلهم لدى الغير بالشروط التي أوجبها هذا القانون".

وفيما يخص إدارة المنشأة والعلاقات العمالية، عرفت المادة "الوكلاء المفوضون" بأنهم "كل شخص أنابه أو فوضه صاحب العمل في إدارة المنشأة، أو شاغلو الوظائف الرئيسية العليا بها الذين يمارسون بعض أو كل سلطات صاحب العمل". وعرّفت "المفاوضة الجماعية" بأنها "الحوار الذي يجرى بين صاحب عمل أو منظمة أصحاب أعمال أو أكثر من جهة، وبين منظمة نقابية عمالية، أو أكثر من جهة أخرى بغرض التوافق لتحقيق مصالح الطرفين". أما "المنازعة الجماعية"، فهي "كل نزاع ينشأ بين صاحب عمل أو مجموعة أصحاب أعمال أو منظماتهم، وبين جميع عمال المنشأة أو فريق منهم أو منظماتهم النقابية المعنية بشأن شروط العمل أو ظروفه أو التشغيل".

وعرّفت المادة "الشركاء الاجتماعيون" بأنهم "أطراف العملية الإنتاجية (الحكومة، ومنظمات أصحاب الأعمال، والمنظمات النقابية العمالية)". و"المفوض العمالي" هو "أحد العاملين بالمنشأة يتفق العاملون بها على تفويضه بموجب سند رسمي لتمثيلهم أمام صاحب العمل في حالة عدم وجود منظمة نقابية عمالية بها".

وفيما يتعلق بالاتفاقيات وآليات تسوية المنازعات، عرفت المادة "اتفاقية العمل الجماعية" بأنها "اتفاق مكتوب ينظم شروط وظروف العمل وأحكام التشغيل، ويبرم بين منظمة أو أكثر من المنظمات النقابية العمالية وبين صاحب عمل أو مجموعة من أصحاب الأعمال أو منظمة أو أكثر من منظماتهم". وعرّفت "التوفيق" بأنه "وسيلة يلجأ إليها أحد طرفي منازعة العمل الجماعية طالباً تدخل الجهة الإدارية المختصة بعد تعثر المفاوضة الجماعية بينهما". أما "الوساطة"، فهي "وسيلة ودية لفض منازعات العمل الجماعية، يتفق بموجبها طرفا النزاع على إسناد مهمة اقتراح التسوية إلى شخص ثالث حيادي يدعى (وسيط النزاع)، يشتركان في اختياره من القائمة المعدة لذلك". و"التحكيم" هو "وسيلة اتفاقية لإنهاء النزاع الجماعي القائم بعد فشل وسائل التسوية الودية ويتولى القيام به مُحكّم أو أكثر يتم اختيارهم من القائمة المعدة لذلك". وميزت المادة بين "شرط التحكيم" (اتفاق مكتوب بين طرفي علاقة العمل على تسوية ما قد ينشأ بينهما من نزاع بشأن هذه العلاقة بواسطة التحكيم) و"مشارطة التحكيم" (اتفاق مكتوب بين طرفي علاقة العمل بعد نشوء النزاع).

وأخيراً، عرفت المادة "الإضراب عن العمل" بأنه "اتفاق جميع العمال أو فريق منهم على التوقف عن أداء أعمالهم بمقر العمل للمطالبة بما يرونه محققاً لمصالحهم المهنية والاقتصادية والاجتماعية، بعد تعذر التسوية الودية، في حدود الضوابط والإجراءات المقررة قانوناً". كما أحالت تعريف "إصابة العمل والأمراض المزمنة" إلى التعريفات الواردة لها في قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، وهو ما يضمن التناسق بين التشريعات المختلفة.

الباب الثاني: الأحكام العامة

بعد أن أرسى القانون في بابه الأول التعريفات الأساسية للمصطلحات الواردة فيه، ينتقل في الباب الثاني إلى وضع مجموعة من الأحكام العامة التي تشكل مبادئ أساسية تحكم تطبيق هذا القانون وتفسير نصوصه. تبدأ هذه الأحكام بالمادة (٢) التي تحدد كيفية احتساب المدد الزمنية الواردة في القانون، حيث نصت على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون تعتبر السنة (٣٦٥) يوماً، والشهر ثلاثون يوماً ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك". هذا التحديد يهدف إلى توحيد معايير حساب المدد الزمنية، مثل مدد الإجازات أو فترات الإخطار، مما يمنع أي التباس أو خلاف قد ينشأ حول هذا الأمر، مع ترك الباب مفتوحاً للاتفاق على خلاف ذلك إذا كان في مصلحة العامل.

وتأكيداً على مركزية هذا التشريع، تنص المادة (٣) على أن "يُعتبر هذا القانون هو القانون العام الذي يحكم علاقات العمل". هذا النص يرسخ مبدأ أن قانون العمل الجديد هو المرجعية الأساسية في كل ما يتعلق بتنظيم علاقات العمل، وأن أي تشريعات أخرى يجب أن تتوافق مع أحكامه ما لم تكن أكثر فائدة للعامل.

وفي إطار حماية كرامة العامل وضمان بيئة عمل خالية من الممارسات السلبية، تشدد المادة (٤) على مجموعة من المحظورات الأساسية. حيث "يُحظر تشغيل العامل سخرة أو جبراً"، وهو ما يتوافق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تجرم العمل القسري. كما "يُحظر التحرش أو التنمر أو ممارسة أي عنف لفظي أو جسدي أو نفسي على العامل". هذا النص يعكس اهتمام المشرع بمكافحة كافة أشكال الإساءة في بيئة العمل، ويضع على عاتق المنشأة مسؤولية تحديد الجزاءات التأديبية لهذه الممارسات من خلال لائحة تنظيم العمل والجزاءات الخاصة بها. وقد تم تعريف كل من "التحرش" و"التنمر" بشكل واضح في المادة (١) من باب التعريفات، حيث عرف التحرش بأنه "كل فعل أو سلوك في مكان العمل أو بمناسبته يُشكل تعرضاً للغير بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية، أو أية وسيلة تقنية أخرى". أما التنمر، فقد عرف بأنه "كل فعل أو سلوك في مكان العمل أو بمناسبته سواء بالقول أو باستعراض القوة أو السيطرة على الغير أو استغلال ضعفه أو لحالة يعتقد مرتكب ذلك الفعل أو السلوك أنها تسيء للغير كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه من محيطه الاجتماعي، بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية أو الإلكترونية، أو أية وسيلة تقنية أخرى". هذه التعريفات التفصيلية تساعد في تحديد السلوكيات المرفوضة وتسهل تطبيق النص.

واستكمالاً لمبدأ المساواة وعدم التمييز، تنص المادة (٥) على أنه "يُحظر كل عمل أو سلوك أو إجراء يكون من شأنه إحداث تمييز أو تفرقة بين الأشخاص في التدريب، أو الإعلان عن الوظائف أو شغلها، أو شروط أو ظروف العمل أو الحقوق والواجبات الناشئة عن عقد العمل، بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو النقابي أو الجغرافي أو أي سبب آخر يترتب عليه الإخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص". هذا الحظر الشامل يهدف إلى ضمان تكافؤ الفرص لجميع المواطنين دون أي تمييز، ويعزز من مبادئ العدالة الاجتماعية في سوق العمل. ومع ذلك، استثنت المادة من هذا الحظر الميزات أو الأفضليات أو الحماية التي تُقرر بموجب أحكام هذا القانون أو القرارات واللوائح المنفذة له للمرأة أو للطفل أو للأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام، شريطة أن تكون هذه الميزات بالقدر اللازم لتحقيق الهدف الذي تقررت من أجله. كما ألزمت المادة الوزارة المختصة بوضع السياسات والخطط اللازمة لدمج هذه الفئات في سوق العمل وتوفير الحماية اللازمة لهم في بيئة العمل، وذلك بالتنسيق مع الوزارة المختصة بالتضامن الاجتماعي والمجالس القومية المتخصصة المعنية. هذا التوجه يعكس فهماً عميقاً لمفهوم المساواة الذي لا يعني بالضرورة المعاملة المتماثلة، بل يتطلب أحياناً اتخاذ تدابير إيجابية لضمان تكافؤ الفرص الحقيقي للفئات الأكثر احتياجاً للحماية.

وتأكيداً على الطبيعة الآمرة لقواعد قانون العمل التي تهدف إلى حماية الطرف الأضعف في علاقة العمل، وهو العامل، تنص المادة (٦) على أنه "يقع باطلاً كل شرط أو اتفاق يخالف أحكام هذا القانون، ولو كان سابقاً على العمل به، إذا تضمن انتقاصاً من حقوق العامل المقررة فيه، أو إبراءً من حقوق العامل الناشئة عن عقد العمل خلال مدة سريانه، أو خلال ثلاثة أشهر من تاريخ انتهائه". هذا النص يقطع الطريق على أي محاولة للتحايل على أحكام القانون أو الانتقاص من حقوق العمال من خلال اتفاقات فردية أو جماعية. وفي المقابل، أكدت المادة على استمرار العمل بأية مزايا أو شروط أفضل تكون مقررة أو تُقرر في عقود العمل الفردية أو الجماعية أو الأنظمة الأساسية أو غيرها من لوائح المنشأة، أو بمقتضى العرف. كما يسري هذا المبدأ في حالة تغيير الكيان القانوني للمنشأة أو انتقال ملكيتها، مما يضمن استمرارية الحقوق المكتسبة للعمال وعدم تأثرها بالتغييرات التي قد تطرأ على المنشأة.

ولتيسير لجوء العمال إلى القضاء للمطالبة بحقوقهم، نصت المادة (٧) على إعفاء الدعاوى الناشئة عن المنازعات المتعلقة بأحكام هذا القانون، التي يرفعها العاملون والمتدرجون وعمال التلمذة الصناعية أو المستحقون عنهم، من الرسوم والمصاريف القضائية في جميع مراحل التقاضي. كما أجازت للمحكمة في جميع الأحوال أن تشمل حكمها بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، ولها في حالة رفض الدعوى أن تحكم على رافعها بالمصروفات كلها أو بعضها. وبالإضافة إلى ذلك، أعفت هذه الفئات من ضريبة الدمغة على كل الشهادات والصور التي تعطى لهم، والشكاوى والطلبات التي تقدم منهم، تطبيقاً لأحكام هذا القانون. ومع مراعاة حكم المادة (١٨٥) من هذا القانون، لا يُشترط بالنسبة لتلك الفئات توقيع محام على صحيفة افتتاح الدعوى، أو صحيفة الطلبات الموضوعية أو طلبات استصدار الأوامر. هذه التيسيرات تهدف إلى تمكين العمال من الوصول إلى العدالة دون أن تشكل الأعباء المالية عائقاً أمامهم.

وفيما يتعلق بضمان استيفاء العمال لمستحقاتهم المالية، منحت المادة (٨) هذه المستحقات امتيازاً على جميع أموال المدين (صاحب العمل) من منقول وعقار. وتُستوفى هذه المبالغ قبل المصروفات القضائية، والمبالغ المستحقة للخزانة العامة، ومصروفات الحفظ والترميم، وأية مرتبة امتياز مقررة أو تُقرر وفقاً لأي قانون آخر. واعتبرت المادة اشتراكات التأمين الاجتماعي جزءاً من حقوق العمال التي تُستوفى وتُؤدى للهيئة المختصة. هذا الامتياز القوي يعزز من ضمانات حصول العمال على حقوقهم المالية حتى في حالات إعسار صاحب العمل.

واستكمالاً لهذه الضمانات، أكدت المادة (٩) على أن حل المنشأة أو تصفيتها أو إغلاقها أو إفلاسها لا يمنع من الوفاء بجميع الالتزامات الناشئة طبقاً لهذا القانون. وأوجبت أن يحدد القرار أو الحكم الصادر بأي من ذلك أجلاً للوفاء بحقوق العاملين، وأن تتولى الجهة الإدارية المختصة متابعة الوفاء بتلك الحقوق، ويكون لها أن تنوب عن ذوي الشأن في اتخاذ الإجراءات اللازمة للوفاء بها في الأجل المحدد. كما أناطت بالوزير المختص إصدار قرار بتحديد ضوابط وإجراءات ومواعيد الوفاء بحقوق العمال في هذه الحالات. هذه الأحكام تهدف إلى حماية العمال من فقدان حقوقهم نتيجة للتغيرات التي قد تطرأ على وضع المنشأة.

الكتاب الثاني: التدريب والتشغيل وتشغيل العمالة غير المنتظمة

يخصص قانون العمل الجديد رقم ١٤ لسنة ٢٠٢٥ كتابه الثاني لمعالجة قضايا محورية تتعلق بتنمية مهارات القوى العاملة وتيسير دخولها إلى سوق العمل، مع إيلاء اهتمام خاص لفئة العمالة غير المنتظمة. ينقسم هذا الكتاب إلى أبواب تتناول التدريب، والتشغيل، وتنظيم عمل العمالة غير المنتظمة، مما يعكس رؤية متكاملة لتطوير الموارد البشرية وتحقيق الاستقرار الوظيفي.

الباب الأول: التدريب

يضع الباب الأول من الكتاب الثاني الإطار القانوني المنظم لعملية التدريب المهني، إدراكاً لأهميتها في رفع كفاءة العمال وتلبية احتياجات سوق العمل المتطورة. تنص المادة (١٦) على سريان أحكام هذا الباب على جميع مراكز التدريب الخاضعة لأحكام هذا القانون، وعلى فئات محددة تشمل الراغبين في التدريب، والأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام والفئات الأولى بالرعاية، والمتدرجين، والراغبين في التأهيل الأعلى أو المستمر، وعمال التلمذة الصناعية. هذا التحديد الواسع للفئات المستفيدة يؤكد على شمولية النهج الذي يتبناه القانون في مجال التدريب.

وتنيط المادة (١٧) بالجهة الإدارية المختصة مسؤولية القيام بالتوجيه المهني لراغبي التدريب، بهدف مساعدتهم في اختيار المهن التي تتناسب مع قدراتهم وميولهم. كما تتولى هذه الجهة، بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية وبالتشاور مع ممثلي منظمات أصحاب الأعمال والعمال، إعداد التصنيف المهني الوطني للمهن والحرف والوظائف في سوق العمل، وتحديد متطلباتها وتوصيفها، والمهارات والجدارات اللازمة لها. ويشمل ذلك العمل على تحديث هذا التصنيف بشكل مستمر وفقاً لمعايير الجودة العالمية وبما يتوافق مع التغيرات التكنولوجية الحديثة وتغير المناخ. ويصدر الوزير المختص قراراً بالقواعد والإجراءات المنظمة لذلك، والجهات والفئات المستفيدة، مما يضمن وجود آلية واضحة وفعالة لتوجيه جهود التدريب.

ولتعزيز الحوكمة في هذا المجال، نصت المادة (١٨) على إنشاء مجلس يسمى "المجلس الأعلى لتنمية مهارات الموارد البشرية"، يكون مقره الرئيسي مدينة القاهرة، ويترأسه الوزير المختص. يضم هذا المجلس في عضويته ممثلين عن مختلف الوزارات ذات الصلة (مثل الصحة، التخطيط، التربية والتعليم، التعليم العالي، الصناعة، الاستثمار، الاتصالات، التضامن الاجتماعي، قطاع الأعمال العام، التنمية المحلية، الإسكان، والسياحة)، بالإضافة إلى رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ورئيس المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة. كما يشمل المجلس سبعة أعضاء يمثلون منظمات أصحاب الأعمال الأكثر تمثيلاً، وسبعة أعضاء يمثلون المنظمات النقابية العمالية الأكثر تمثيلاً، مع مراعاة تمثيل جميع مستويات المنظمات النقابية. ويجوز للمجلس الاستعانة بذوي الخبرة دون أن يكون لهم صوت معدود في المداولات.

ويتولى هذا المجلس الأعلى وضع السياسات العامة لتنمية مهارات الموارد البشرية، وسياسات التدريب والتأهيل، بما في ذلك سياسات تدريب وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام والفئات الأولى بالرعاية، بما يتفق مع السياسة العامة للدولة. كما يتولى وضع الخطط اللازمة لربط التعليم والتدريب باحتياجات سوق العمل الحالي ووظائف المستقبل والمهارات اللازمة لها. ويصدر بتشكيل المجلس واختصاصاته الأخرى ونظام العمل به وأمانته التنفيذية قرار من رئيس مجلس الوزراء، على أن يجتمع المجلس مرة على الأقل كل ثلاثة أشهر. هذا المجلس يمثل هيئة تنسيقية عليا تهدف إلى توحيد الرؤى وتوجيه السياسات المتعلقة بتنمية الموارد البشرية على المستوى الوطني.

ولضمان تنفيذ هذه السياسات على المستوى المحلي، أجازت المادة (١٩) للمجلس الأعلى أن يُشكل في نطاق أي محافظة أو منطقة جغرافية مجلساً تنفيذياً لتنمية مهارات الموارد البشرية. ويحدد قرار من المجلس الأعلى رئيس وأعضاء المجلس التنفيذي، على أن يضم في عضويته ممثلين عن منظمات أصحاب العمل والمنظمات النقابية العمالية المعنية بالتساوي، بالإضافة إلى ممثلي الوزارات والجهات المعنية. ويتولى هذا المجلس التنفيذي متابعة تنفيذ الخطط والقرارات والتوصيات الصادرة عن المجلس الأعلى، والتنسيق مع الجهات المحلية المختصة بتنمية مهارات الموارد البشرية وتحسين كفاءتها من خلال التدريب المهني والتدريب المستمر. ويحدد قرار التشكيل الاختصاصات الأخرى للمجلس التنفيذي ونظام العمل به.

وفيما يتعلق بتمويل أنشطة التدريب، تناولت المادة (٢٠) دور "صندوق تمويل التدريب والتأهيل" الذي يمارس نشاطه على المستوى القومي وفقاً لاحتياجات سوق العمل وبما يتماشى مع احتياجات منظمات أصحاب الأعمال. هذا الصندوق، الذي تم التأكيد على استمراريته في المادة الثانية من مواد الإصدار، يلعب دوراً حيوياً في توفير الموارد المالية اللازمة لدعم برامج التدريب المختلفة وضمان استدامتها.

التعليقات:

أضف تعليقاً: